عرف المغرب في التسعينات من القرن الماضي إنشاء عددا من المؤسسات الاستشارية مثل (المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، ديوان المظالم، الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة…). وقد انطلقت هذه الفكرة في التجربة المغربية من عدة منطلقات؛ أول منطلق يتعلق بفكرة الديمقراطية التشاركية، والمنطلق الثاني يتعلق بالحوار العمومي حول القضايا الاجتماعية والاقتصادية، في حين تمحور المنطلق الثالث حول جعل النقاش داخل المؤسسات وليس خارجها، والمنطلق الرابع يهم تقوية ثقافة الاستشارة.
لكن التجربة أثبتت أن العديد من هذه المؤسسات لم تكن فاعلة بل كانت شكلية وصورية، تفتقد للسلطة التقريرية، ولا تتمتع بالاستقلالية المالية والإدارية في إدارة شؤونها. ولمواكبة التطورات المتسارعة التي يعرفها المحيط الإقليمي والدولي للمغرب، ومسايرة التطور المؤسساتي والتحولات العميقة التي يعرفها، وكذلك الرغبة في معالجة بعض لملفات التي تطرح نفسها بشكل ملح في سياق التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية من قبيل ملف إرساء دعائم دولة الحق والقانون، وترسيخ الحكامة الإدارية والاقتصادية. فإن المغرب يسير في اتجاه إعادة تشكيل مجموعة من المؤسسات الاستشارية بتحويلها من بنيات شكلية تخدم ديمقراطية الواجهة إلى رافعة لتسريع رهان الانتقال الديمقراطي.