الاطار التاريخي والاتفاقي للتحكيم الدولي

د.حمادي بلا

الاطار التاريخي والاتفاقي للتحكيم الدولي

 

حمادي بلا
باحث بسلك الدكتوراه في القانون الخاص
     كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة المولى اسماعيل بمكناس
 
ملخص
    جاء في إحدى مقولات الفيلسوف اليوناني أرسطو: ” إن أطراف النزاع يستطيعون تفضيل التحكيم عن القضاء…. ذلك لأن المحكم يرى العدالة بينما القاضي لا يعتد إلا بالتشريع “.ومن هذه المقولة الشهيرة لأرسطو يتأكد وبالملموس أن التحكيم بشكل عام يقوم على سحب الاختصاص من القضاء فيما تعلق بالنضر في النزاعات الى التحكيم باعتباره مؤسسة بديلة لها خصوصياتها وأهميتها وأن التحكيم له فعالية في تحقيق العدالة أكثر حتى من القضاء على حد قول هذا الفيلسوف اليوناني.  ويعتبر التحكيم، كل اتفاق مبرم بين الاطراف لعرض نزاع قائم أو الذي سينشأ، على الغير، مع الاعتراف بالطابع القضائي للقرار الذي سيصدر عنه
وهي مؤسسة ليست جديدة ادا علمنا أنه في العصور القديمة ارتبطت بالحضارة الرومانية واليونانية، حيث كان يلجأ لهذه الوسيلة في فض النزاعات بشكل تلقائي، ثم ما لبتت أن انتقلت الى دول العالم الأخرى. وببزوغ فجر الاسلام، تم تعزيز دور التحكيم كغيره من المؤسسات – كالوساطة والصلح-  الرامية الى تحقيق العدالة والاصلاح بين الناس في أمور دينهم ودنياهم، وخير ذليل على ذلك واقعة التحكيم التي تمت بين سيدنا علي ابن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان. أما في المغرب فقد كان الاحتكام الى هاته المؤسسة يتم عبر ما تمليه الثقافة الشعبية والبنية السوسيولوجية التي تسند الاختصاص في ذلك الى شيوخ القبائل ووجهائها، لاحتواء الخصومة وإدارتها بعيدا عن تدخل أي عنصر أجنبي عن القبيلة وحلها داخليا.ويبدو أن التحكيم كان ربما سابقا على القضاء في وجوده ونشأته وتطوره، حيث عرفته الشعوب والحضارات القديمة قبل معرفتها للقضاء، ولا نجاوز الحقيقة إذا قلنا بأن حل المنازعات بالتحكيم قد سبق حلها بالقضاء، وقد تنامت هذه المؤسسة وتطورت لتتابع مهمتها القديمة الجديدة على نطاق واسع في كثير من بلدان العالم، لا سيما وأن السرعة في فض المنازعات بين المواطنين التي تميز مؤسسة التحكيم تعد من أهم مبادئ العدالة التي ينشدها الجميع.

تحميل PDF